حين حلمتُ بالجنَّةِ ، أوَّل مرّة !
أن يكونَ لي جوادٌ أبيضٌ له جناحان مضيئان ، رأيتُه كثيرًا يحملني في سماءٍ مظلمة كحلية اللون والهواء ، لا أعلم هل هي أنانيةٌ منّي أنّي لم أشاهد أحدًا بالجوار ؟
في الجنَّة ، سوف تُخلق السماء لي وحدي ، سوف تخلق لي ولجوادي .. يلتقط السحاب بلسانه كما تلتقط جياد الأرض الفستق واللوز .. والبرد يتلفُ عظامي ، يجعلني أضحك بجنون راحلةً إلى لامكان !
هكذا حلمتُ بالجنّةِ أوّل مرّة ، رحلةُ لا أعلم أين ابتدأت ولا أخطط لإنهاءها !
.
.
المطر والبجعة
حلمتُ يومًا بيوم القيامة ، ما حدث هوَ أنَّ الأرض المقابلة لنافذة غرفتي امتلأت بماء السماء مثل نهرٍ غير نقّي ، ظهرت بجعة كبيرةٌ جدًا فيه ، تحبّ أمّي طائر البجع ، ونحن نقدّس ما تحبّه الأمّهات !
حين استيقظتُ من نومي ، سجدتُ لله ودعوتُ : يالله .. أريد بجعةً بيضاء كبيرةً في الجنّة تحملني على الماء !
يا الله .. أريد بجعةً بيضاء كبيرة في الجنّة وأريد حصانًا بأجنحةٍ مضيئة !
.
.
( وسخّرنا مع داوود الجبال يسبّحن والطير وكنّا فاعلين )
أمَّا داوود فقد أعطاه الله جنَّةً على الأرض ، أرجو أن يمنحنيها في السماء .. وتلك أمنيتي الثالثة !
وكأنَّي بهم أمام عينيّ .. أعظم ملوكِ الأرض ، يجلس على أطراف صخرةٍ مدببة ، أو تحت شجرةٍ لم تمت بعد ، ليسبّح الله بصوتٍ لم يؤتَ أحدٌ من العالمين مثله .
وحين يسبّح داوود ، تردّد العصافير والنوارس وبقيّة الطيور تسابيحه ، وتنحني الجبال تحاكي تراتيله ، الطيور برقّتها والجبال بجبروتها تشارك داوود عبادته ، فأيّ نعمةٍ أوتيها نبيّ الله ؟ وأيّ جمالٍ عرفته الكائنات والجمادات لحظة إذ ؟
وإذا كانت جزيئات الهواء تحفظ أحاديثنا وكلماتنا في باطنها لتردّها إلينا يوم القيامة ، فلا شكّ في أنّها كانت تتنافس أيّها يحفظ تراتيل داوود وتسابيحه ..
تراتيل داوود .. والطير والجبال !
.
.
هل كانت الجبال الَّتي تشارك داوود تسبيحاته هي جبال الألب ؟
أتخيّل بأنّها كانت أكثر جمالاً ، كانت أحجارها مصقولة وناعمة ، وعليها مدرّجاتُ من العشب الأخضر النادي ، كانتِ الأحجار تسقط إلى سفوحها خشيةً لله ، وكانت جبالاً باكية ، لطالما اصطدمتِ السحابات الطائشة بها محدثة الأمطار !
والطيور .. ما أنواع الطيور التي سبحتِ الله مع داوود ؟
الطواويس ، النعام ، النوارس ، الحمام ، العصافير الزرقاء ، الببغاوات ، الوردي ، الصقور .. ياااه كلهم كانوا يرددون تراتيل داوود ؟
.
.
هذه الآية تجعلني أحلم كثيرًا ..
وعلى الرغم من أنّ غيرها من الآيات تحدثت عن هذه النعمة التي امتنّ بها الله على داوود ، إلاَّ أنها ولسببٍ لا أعرفه الوحيدة التي خلقت داخلي هذه الرؤية !
قال لي أحدهم بأنَّ يوم الزيادة هو يومٌ من أعظم الأيام في الجنّة يسمع فيه المؤمنون تراتيل داوود عليه السلام .
سأجعلها أمنيةً رابعة ، ويا ربّ اجعلنا من أهل الزيادة ..